النفايات تزكم الانوف وبات اللبنانيون على يقين بأن النزاع انتقل الى المطامر بعدما وقف كل ديك على مزبلته يصيح. فالقوى السياسية الفاعلة أصبحت «تعفر» بعدما تقاسمت كل شيء تقريباً ولم يبقَ أمامها سوى النفايات ومطامرها. ومهما حاول واجتهد وزير البيئة. فهو لن ينجح في تغيير القناعة الراسخة لديهم بأن الزعماء يتقاسمون المناطق كمربعات للإستفادة من النفايات الوحيدة التي كانت خارج سيطرتهم تأنفا وليس تعففا. ولما اكتشف هؤلاء أن كل شيء تم توزيعه، حينها لم تبقَ سوى النفايات مصدراً جديداً للتوزيع، فسارعوا لأسباب مالية بتوزيعها لهم ولشركاتهم. وبالتأكيد لا علاقة للبيئة وللطبيعة بإعادة التدوير. ولأن القلة تولد النقار، بدأت الديوك حفلة الخناق على المزابل والمطامر المنتشرة في المناطق بعدما تأكد للزعماء أن البترول والغاز ومشتقاتهما لا زالت بعيدة عن مرمى اطماعهم.
مصادر متابعة لملف الناعمة تؤكد ان مسؤولية معالجة ملف النفايات تقع على جميع المسؤولين، وعلى الجميع ايجاد حل لهذه المعضلة، فليس منطقيا ان يحاط المسؤولون بعدد من رجال الاعمال الذين باتوا يحركون الملفات في البلد على طريقة اللوبي في الولايات المتحدة الاميركية، لان هذا المنطق قد سقط في معظم البلدان ويجب معالجة الملفات بشكل موضوعي، يُلامس مصلحة المواطن وليس مصلحة رجال الاعمال.
مصادر مقربة من النائب وليد جنبلاط متابعة لهذا الملف، تؤكد ان هناك اوساط بعض الجمعيات البيروتية التي يقف وراءها بعض السياسيين تحاول الايحاء وكأن وليد جنبلاط يريد معاقبة بيروت وهذا الامر غير صحيح، فالاخير يسكن بيروت وهي تلقى اهتمامه شأنها شأن المختارة، ويبدو ان هناك جو تحامل على جنبلاط من خلال الايحاءات بأنه يحاول نقل المطمر الى منطقة اقليم الخروب عبر احد المقاولين الذين يغطيهم لكي يحظى بحصة اكبر من عائدات النفايات وهذا امر غير صحيح ولا احد يتحدث باسم وليد جنبلاط، وهو الذي حاول عدة مرات ثني الناس عن اقفال مطمر الناعمة منذ بداية السنة الحالية واعطى الحكومة فرصة لمعالجة الموضوع لكنها لم تفعل، واقترب موعد اقفال المكب بعد ان استدرجت العروض ولم تتقدم اي شركة باي عرض لجبل لبنان الجنوبي وبيروت.
وبالطبع اضاف المصدر ان هدف الشركات من ذلك هو تحسين شروطها لتحقيق مكاسب اكبر وليتم تمديد العمل في المطمر كونه يدر على الشركات المستثمرة «الذهب» كونه الاقرب ولا يحتاج مجهوداً كبيراً للوصول اليه لطمر النفايات وهو يحقق لهم ارباحاً طائلة من خلال الـ113 دولار التي يتاقضونها عن الطن الواحد من الصندوق المستقل للبلديات حيث يتم الطمر بالطرق البدائية.
وتابعت المصادر، يبدو ان هناك تواصلا بين الشركات المعنية والشركة الحالية اضافة الى المقاول الجديد المدعو جهاد العرب واصبح هناك نوع من اتفاق بين هؤلاء بحيث لا يقومون بتقديم اي عروض الا اذا اتفقوا على تحصيل اكبر نسبة من المكاسب الممكنة. من هنا كان على الحكومة ان تقوم باستدراج العروض مرة ثانية بعد فشل المرة الاولى او تعمل على استدعاء شركات اجنبية لديها خبرة في هذا المجال، لانه يبدو ان هناك «قطبة مخفية» يغطيها بعض السياسيين لبقاء واستمرار بعض الشركات التي لديها نفوذ في بعض الاوساط السياسية.
واكدت المصادر: لقد اسند الملف اليوم الى البلديات وهذا الامر يتناقض مع القانون لان الحكومة عندما اقرت خطة النفايات لم تلحظ دوراً للبلديات بل قسمت لبنان الى 5 مناطق على اساس ان يدار هذا الملف مركزيا، فكيف لوزير البيئة محمد المشنوق ان يطلب من البلديات ان تتحمل المسؤولية والقانون سحب منها هذه المهمة وهي تدفع الاموال من صندوقها من دون العودة اليها وفق نسب غير محقة، فالبلدية ذات الكثافة المنخفضة تدفع بشكل متساو مع البلدة ذات الكثافة العالية وهو امر غير عادل اضافة الى انه لا يدار بشفافية , الامر الذي دفع بهذه البلديات الى توجيه سؤال الى مجلس الانماء والاعمار الذي يقتطع هذه الاموال ويحولها الى الشركة المتعهدة برفع النفايات. لماذا لم تحصل على اجوبة الى الان، من هنا اكدت المصادر ان البلد في مأزق.